وسيم عفيفي

مصر إلى حد ما نفضت الغبار عن نفسها بعد زلزال 1992. وتحديدًا بعد 48 ساعة من اليوم الأربعين في حينه، بدأ تاريخ مهرجان الموسيقى العربية الذي يستمر حتى الآن عبر 32 جلسة. ولعل من المفارقات المصيرية أن تاريخ مهرجان الموسيقى العربية بدأ على يد رتيبة الحفني التي حصدت البذرة التي زرعها والدها محمود أحمد الحفني عام 1932 من خلال المؤتمر الدولي للموسيقى. نستعرض خلال هذا الموضوع مرحلتي بذرة الفكرة وثمارها على يد الأب والابنة.

نواة تاريخ مهرجان الموسيقى العربية

التحضير للمؤتمر الموسيقي، مجلة المصور، العدد 389، 25 مارس 1932، ص 13.

كان مؤتمر الموسيقى العربية نواة تاريخ المهرجان، وتكشف تفاصيل ذلك المؤتمر عن جانب خاص جدًا من تاريخ الموسيقى في مصر في ذلك الوقت.

محمود أحمد الحفني عام 1932

نجح محمود أحمد الحفني في أن يكون أول مصري وعربي يحصل على درجة الدكتوراه في الموسيقى من ألمانيا عام 1931. بذل جهودًا لتنظيم مؤتمر عام دولي حول الموسيقى يجمع جميع الثقافات. ونجحت جهوده عندما قدمها إلى مصطفى رضا، عميد معهد الموسيقى الشرقية (الآن معهد الموسيقى العربية)، الذي قدم طلبًا إلى وزير التربية والتعليم، محمد حلمي عيسى، في 18 كانون الثاني/يناير 1932. وبدوره، رفع الوزير الطلب إلى اسماعيل صدقي رئيس الوزراء الذي وافق على عقد المؤتمر.

متابعة بدايات مؤتمر الموسيقى، مجلة كل شيء والعالم، العدد 330، 5 مارس 1932م، ص 18-19

سبعة أهداف سعى إليها المؤتمر في حينه، وراجعها محمد حلمي عيسى في طلبه لجلسة مجلس الوزراء، وهذه الأهداف هي]1]:

• أولاً: تنظيم فن الموسيقى وترسيخه على أساس متين من العلم والفن تتفق عليه جميع الدول العربية
  
• ثانياً: البحث في وسائل تطوير الموسيقى
  
• ثالثاً: اعتماد السلم الموسيقي وتحديد الرموز التي تكتب بها الألحان
  
• رابعاً: تنظيم التأليف الخطابي والصامت (غنائي وآلي)
  
• خامساً: دراسة الآلات الموسيقية الجيدة
  
• سادساً: تنظيم التربية الموسيقية وتسجيل الأغاني والألحان الوطنية في الدول العربية
  
• سابعاً: البحث في المؤلفات الموسيقية المطبوعة والمخطوطة.
  
  

اللجنة المنظمة للمؤتمر الموسيقي / صورة طولية لوزير التربية والتعليم
ومن اليمين (أعلى) أحمد نجيب الهلالي بك وعبد الفتاح باشا صبري والبارون رودولف دورلينجر ومحمد زكي علي بك.
من اليمين (أسفل) الكانتونية محمود أحمد الحفني، مصطفى بك رضا ، يعقوب عبد الوهاب بك.

تم تشكيل لجنة لتنظيم مؤتمر الموسيقى العربية، وترأسها وزير التربية والتعليم، وكان له خمسة نواب، وهم: عبد الفتاح صبري، وأحمد نجيب الهلالي، ومصطفى رضا، ومحمد زكي علي، ويعقوب عبد الوهاب. وترأس السكرتارية محمود أحمد الحفني ومعه البارون دي ايرلانجيه والسيد كانتوني مدير دار الأوبرا، وكان يوم 14 آذار/مارس 1932 بداية الأعمال التحضيرية للجان الفنية.

من متابعة مؤتمر الموسيقى، مجلة كل شيء والعالم، العدد 335، 9 أبريل 1932 م، ص 20-21

تم افتتاح المؤتمر رسمياً في 28 آذار/مارس 1932 واستمر لمدة سبعة أيام. وكانت اللجان الفنية: “لجنة المسائل العامة، لجنة المقامات والإيقاع والتأليف، لجنة النطاق الموسيقي، الأدلة والتدوين، لجنة الآلات، لجنة التسجيل، لجنة التربية الموسيقية، لجنة تاريخ الموسيقى والمخطوطات”.؛ كل من هذه اللجان لديها مهمة، وهي إعداد جدول أعمالها والتقارير عن توصياتها.]2]

مقال عن المؤتمر الموسيقي، مجلة المقتطف، المجلد 80، الجزء 4، عدد نيسان 1932، ص 392-393

مقال عن المؤتمر الموسيقي، مجلة المقتطف، المجلد 80، المجلد 4، عدد نيسان 1932، ص 394-395

مقال عن المؤتمر الموسيقي، مجلة المقتطف، المجلد 80، المجلد 4، عدد نيسان 1932، ص 396-397

مقال في المؤتمر الموسيقي، مجلة المقتطف، المجلد. 80، الجزء 4، أبريل 1932، ص. 398

حضر المؤتمر الموسيقي 63 شخصية موسيقية عالمية وعربية ومصرية، وبواقع 33 موسيقيًا المقيمين في مصر، و13 من فرنسا، و6 من ألمانيا، و2 من إيطاليا، و2 من تركيا، و1 من كل من إسبانيا والمجر والنمسا وبريطانيا وتشيكوسلوفاكيا وسوريا ولبنان. فيما حضرت مجموعة من الفرق الغنائية من تونس ولبنان والعراق والجزائر ومراكش.

من متابعة ختام المؤتمر الموسيقي مجلة الكواكب العدد 3 في 11 نيسان 1932 م ص. 16

وفي ختام المؤتمر في 3 أبريل 1932، أقيم حفل الكرنفال الذي شاركت فيه مجموعة من الفرق الموسيقية والمغنين المصريين مع شخصيات فنية عراقية وتونسية وسورية ومغربية وجزائرية، إلى فصول تمثيلية من الفرقتين فاطمة رشدي. ويوسف وهبي.

محمود أحمد الحفني قبل رحيله

كان ذلك المؤتمر محاولة لإقامة مهرجان سنوي ينظم كل عام، وربما كان ذلك حلم محمود أحمد الحفني لكنه لم ينجح في تحقيقه، وكتب حلمه لتحققه ابنته. بعد 60 سنة.

تاريخ مهرجان الموسيقى العربية بعد 60 عاما من المؤتمر الدولي

رتيبة الحفني

انطلقت فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الموسيقى العربية في 23 نوفمبر 1992، بافتتاح وزير الثقافة فاروق حسني، وشارك 42 باحثًا من 13 دولة عربية وأجنبية في الجلسة الأولى لمناقشة البحوث والموضوعات. على مدى 6 أيام.]3]

خبر افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الموسيقى العربية، جريدة الأهرام، عدد 24 نوفمبر 1992، ص. 20.

في الدورة الأولى كانت اللجان الفنية، وهي لجنة المؤتمرات وتوحيد المصطلحات برئاسة حسن عريبي من ليبيا، ولجنة المقامات والإيقاعات الموسيقية برئاسة أحمد باقر من الكويت، ولجنة التربية والثقافة الموسيقية برئاسة سمحة الخولي من مصر، ولجنة المقامات والإيقاعات الموسيقية. التراث العربي والمقطوعات الموسيقية برئاسة محمود القرفي من تونس، ولجنة فايكنج ترند الموسيقي برئاسة إيزيس فتح الله من مصر، ولجنة الآلات والفرق الموسيقية برئاسة سعد الله آغا القلعة من سوريا. ]4]
خرجت الجلسة الأولى من مهرجان الموسيقى العربية بـ 6 توصيات ]5]:
أولاً: اعتبار التربية الموسيقية من الحقوق الأساسية للطفل
ثانياً: تنظيم مهرجان موسيقي دوري مخصص للأطفال مع مسابقات للطلاب والملحنين لعرض الأعمال الفنية
ثالثاً: جمع اللهجات الموسيقية العربية
رابعاً: الحفاظ على التراث الفلسطيني من السرقة
خامساً: تثبيت السلم الموسيقي العربي بواسطة خبراء متخصصين
سادساً: استخدام الآلات العربية الأصيلة، مثل الطنبور، في الأوركسترا.

خبر إنشاء مكتبة التسجيلات الموسيقية والمخطوطات النادرة، جريدة الأهرام، 22 نوفمبر 1992، ص. 18

ولعل أعظم إنجاز للدورة الأولى من مهرجان الموسيقى العربية هو إنشاء مكتبة موسيقية بدار الأوبرا المصرية، تضم 400 قرص مدمج نادر قدمها المؤرخ عبد العزيز العناني، بعد أن تعاقدت دار الأوبرا المصرية معه.

________________________________
[1] كتاب مؤتمر الموسيقى العربية برعاية جلالة الملك فؤاد الأول، المنعقد في القاهرة عام 1350هـ / 1932م، طبعة / 1، مطبعة الأميري، القاهرة، 1932م، ص. 25.
[2] جدول أعمال اللجان (بالتفصيل) متاح على كتاب مؤتمر الموسيقى العربية برعاية جلالة الملك فؤاد الأول ، المنعقد في القاهرة عام 1350 هـ / 1932م، طبعة / 1، مطبعة الأميري، القاهرة، 1932 م.
تم العثور على جدول أعمال اللجان (الإجمالي) في كتاب فيكتور سحاب ، المؤتمر العربي الأول للموسيقى، المجلد. 1، الشركة الدولية للكتاب، لبنان، 1997.
[3] محرر، 13 دولة عربية وأجنبية ، مؤتمر الموسيقى العربية بالأوبرا ، جريدة الأهرام ، عدد 6 نوفمبر 1992 ، ص. 10.
[4] محرر في مؤتمره بالقاهرة:هذه لجان الموسيقى العربية، جريدة الأهرام، عدد 15 نوفمبر 1992، ص. 28.
[5] محرر، هذه توصيات مؤتمر الموسيقى العربية في الأوبرا، جريدة الأهرام، 29 نوفمبر 1992، ص. 20.

المصدر: الميزان