توفي مساء يوم الخميس 2 آذار/مارس 2023 المايسترو السوري المقيم في ألمانيا نوري رحيباني، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

ولد نوري رحيباني في مدينة الحسكة عام 1939، وهو ينتمي لعائلة المنجد الدمشقية العريقة، إلا أن جده قام بتبديل اسم العائلة من المنّجد الى رحيباني هرباً من حملات سفر برلك.

تنقل الفتى نوري بين عدة مدن سورية بسبب عمل والده مصطفى في سلك القضاء، وكانت والدته، التي تنحدر من أصول تركية شركسية، تتقن عدة لغات وتعزف آلة البيانو، ما جعل الطفل نوري وأخوته يحظون برعاية خاصة.

درس نوري الحقوق في جامعة دمشق، ولطالما كان يدلف إلى قاعة الموسيقى في كلية الحقوق ليعزف البيانو، إذ كانت رغبته الدائمة دراسة الموسيقى، لكن ذلك كان متعذراً بسبب عدم وجود معهد عالي للموسيقى في سوريا آنذاك.

حلم نوري الدائم كان دراسة الموسيقى، وتحديداً في ألمانيا المعروفة بكبار المؤلفين الموسيقيين من أمثال باخ وبيتهوفن. وتحقق هذا الحلم عام 1959 حين أعلنت وزارة المعارف السورية عن مسابقة إيفاد، فتقدم لها نوري ونجح. يومذاك، حصلت سوريا على أربعين منحة من جمهورية ألمانيا ومن ضمنها منحتين للموسيقى. حظي نوري بإحدى المنحتين، فتوجه إلى مدينة لايبزيغ الألمانية حيث درس التأليف الموسيقي وعزف البيانو في معهدها العالي للموسيقى وتخرج حاملاً الدبلوم في سنة 1968. ومن لايبزغ انتقل للدراسة في المعهد العالي للموسيقى في مدينة درسدن ونال عام 1973 الدبلوم في قيادة الأوركسترا.

بعد ذلك، أقام رحيباني في ألمانيا متفرغاً للعمل الموسيقي، وكان عضواً في جمعية “كارل أورف” الدولية في “سالسبورغ” والجمعية الدولية لتطوير الدراسات الموسيقية في ألمانيا “IGMJ”.

قاد رحيباني العديد من الفرق السيمفونية العالمية ومنها فرقة رايشنباخ وفرقة سان بطرسبورغ السيمفونية وفرقة هاليه الفلهارمونية وفرقة إذاعة برلين السيمفونية الكبيرة والفرقة السيمفونية الوطنية السورية.

منحه الرئيس الألماني “هورست كوهلر” وسام الاستحقاق الألماني من الدرجة الأولى تقديراً لإبداعه في مجال الموسيقى وقيادة الأوركسترا في ألمانيا والعالم.

في عام 2011، قدم مع الفرقة السمفونية الوطنية السورية الملحمة الموسيقية الشهيرة “كارمينا بورانا” لكارل أورف على مسرح الدراما في دار الأوبرا السورية بدمشق.

بعد تأسيس الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في عام 1993، تم استدعاء رحيباني لقيادتها لأول مرة عام 2001، ولم ينقطع عنها منذ ذلك الحين، حيث أحيا عدداً من الحفلات في سوريا خلال سنوات الحرب، وكان من القلة الذين تحدوا الظروف الأمنية بين 2011 و2018، واستمر بزيارة بلده الأم.

وضع رحيباني الموسيقى التصويرية لعدد من المسرحيات والأعمال السينمائية ومنها “يوميات مجنون” لفواز الساجر و”الأبطال يولدون مرتين” لصلاح دهني، ونفذ العديد من التسجيلات الإذاعية والتلفزيونية مع أوركسترا إذاعة برلين الكبيرة وفرقة الكورال التابعة لها.

والجدير بالذكر أن المايسترو رحيباني ألف عدداً من الأعمال الأوركسترالية، أشهرها: “المدن الميتة”، “أنشودة السلام”، “نشيد العاصفة”، إلى جانب أغان ورقصات شعبية سيمفونية وصور موسيقية من الفلوكلور السوري.